استفزاز المسلمين لن ينتهي إلى قيام الساعة، وانتهاك الصهاينة للمقدسات الإسلامية لن ينقطع، وهذه هي طبيعة الصراع بين الحق والباطل، وهذا الباطل لا يعلو صوته ولا يؤثِّر، إلا بضعف المسلمين وتشتتهم، وتفرقهم، وجهلهم بطبيعة المعركة.
والأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين، مُستهدف من الصهاينة بحجج واهية، وادعاءات باطلة، وتتجه (إسرائيل) بخطوات ثابتة ومتسارعة نحو تهويد المسجد الأقصى، بعد أن قطعت شوطًا كبيرًا في تهويد مدينة القدس. ومن المفارقة أن يتزامن تسارع خطوات تهويد المسجد الأقصى، التي تتم تحت غطاء حكومي مباشر وغير مباشر، مع تواصل المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية!
ومما يثير الاستهجان أن النظام الرسمي العربي بشكل عام، لا يجد في الإجراءات الصهيونية ما يدعو للقلق على مصير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين!
ومن المعروف أن الآلاف من العقارات والمنازل الفلسطينية التي تحيط بالمسجد الأقصى قد تركها أهلها في أعقاب حرب عام 1967، حيث فرَّ بعضهم إلى الضفة الغربية، في حين نزح البعض الآخر إلى الدول العربية وغيرها. ومن اللافت أن هناك تعاونًا وثيقًا بين الحكومة الصهيونية وجماعات يهودية متخصصة في تنفيذ مشاريع التهويد في المدينة المقدّسة.
الطريق لنصرة المسجد الأقصى
بالرغم من تآمر المجتمع الدولي ووقوفه مع المحتل الإسرائيلي، إلا أن هناك عدة عوامل يمكن أن تتضافر فيما بينها لنصرة المسجد الأقصى، وجعل القضية الفلسطينية حيّة في قلوب المسلمين، بدلًا من أن تكون هبّات وقتية لظرف معين، أو تحت تهديد صهيوني جديد، من ذلك:
أولًا: دور الفرد:
1- الدعاء, وهو سلاح يغفل عنه الكثير ويستقلّه البعض، فيجب تحري أوقات الإجابة والدعاء للمسجد الأقصى المبارك بالنصرة، فالدعاء سلاح لا يخيب حامله، لكن يجب ألّا نقول: لا نملك إلا الدعاء؛ بل نملك الدعاء ونملك معه الكثير، ومن آثار الدعاء تحفيز نفوس الداعين لعمل المزيد.
2- التعرف على تاريخ المسجد الأقصى، والاجتهاد في حضور المناسبات والأنشطة التي تهتم بفلسطين وقضية الأقصىى، فمن أجل أن نعرف كيف يتحقق النصر لا بد أن ندرك كيف وقعت الهزيمة، ومن أجل أن نرسم طريق الخلاص لابد أن نعرف كيف حدثت المعاناة.
3- الرجوع إلى الله، وتحرير نفوسنا من العبودية لغير الله، ومن الأنانية، والأفكار الخاطئة، وأسر الشهوات، والبعد عن المعاصي التي هي من أهم أسباب تسلّط الأعداء علينا.
4- عدم تحقير ما يقوم به الآخرون من أعمال لنصرة الأقصى، مهما كانت صغيرة، واستشعار ما يعانيه الفلسطينيون ومعايشتهم بالروح والنفس.
5- التحدث مع الأقارب، أو في مجال العمل الوظيفي أو الأصدقاء -بقدر المستطاع- عن الواجب نحو المسجد الأقصى المبارك، ودورنا لنصرته.
ثانيًا: دور البيت والأسرة:
1-تلقين الأمهات وربات البيوت أطفالهم حب الله ورسوله، وحب الأقصى، وأن فلسطين قضية الأمة، وتدريبهم على الصبر والاحتمال، من خلال الكتب المختارة والشعر والأناشيد المسجلة بالأشرطة وغيرها.
2- مقاطعة الشركات والسلع التي تُدعِّم الكيان الصهيوني، وخصوصًا إذا كانت هذه الاحتياجات غير أساسية، وفي ذلك تطوير لنمط الحياة، وإخراج مصروف في الشهر لصالح فلسطين.
3- الإلمام بالمعلومات الموثّقة والمركّزة حول القضية الفلسطينية، مع تطوير قدرات الأولاد على المحاورة والمناظرة والمجادلة بالتي هي أحسن، والاجتهاد في حضور الندوات والفعاليات، وتسجيل موجز لما يدور فيها وعرضه وتداوله.
4- عدم الالتفات الى قعود القاعدين، أو خذلان المتخاذلين مع توافر النية الصادقة لنصرة الأقصى، ووضع حصّالة منزلية باسم “حصّالة الأقصى” ليستشعر الأولاد معاني البذل والعطاء للقضية.
5- الاهتمام بلعب الأطفال التعليمية، ومنها لعبة الأقصى التي توضح معالمه وتبين أن قبة الصخرة هي جزء من المسجد الأقصى، وليست هي المسجد، وتذكير الأطفال بفضل المسجد الأقصى المبارك من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
ثالثًا: دور الإعلام:
1- نشر أخبار المسجد الأقصى وأحواله من خلال المشاركة في برامج البث المباشر، وبرامج الفتاوى عبر الإذاعة والتلفاز ومنتديات الإنترنت، والمشاركة في نقل الصورة من داخل فلسطين لجميع أنحاء العالم
2- تشكيل مؤسسات إسلامية إعلامية لتسيلط الضوء على قضية الأقصى وتعريف العالم بها، والتأكيد على دور وسائل الإعلام في خلق دعم سياسي ورأي عام دولي ومحلي لخدمة القضية.
3- إنشاء قناة إعلامية إخبارية عالمية باللغة الانجليزية الهدف منها وصول صوت المسلمين للرأي العام العالمي، مع تغطية أخبار الأسرى والأسيرات.
4- دعم المقالات والتقارير الصحفية بالصورة والأدلة التي توضّح حجم معاناة المسجد الأقصى المبارك، والحذر من المصطلحات الملتبسة مثل: (الإرهاب، المقاومة، نجمة داود السداسية، البراق، حائط المبكى، دولة إسرائيل).
رابعًا: دور المثقفين والأدباء:
1- التحرك نحو المجتمع بكافة فئاته، وعدم تجاهل الوسط الرياضي, والمبادرة بدمجهم ضمن الهم الإسلامي العام، والتوعية السياسية لشرائح المجتمع المختلفة.
2- كتابة المقالات في الصحف السيّارة بكل ما يتعلق بأحداث تخص المسجد الأقصى المبارك والقدس، وتأليف الكتب التي تتحدث عن الأقصى، وتفعيل القضية بنشر أخبارها وإيجابياتها ومخاطرها.
3- تحويل التفاعل الفردي العشوائي إلى فعل جماعي منظّم ينشأ عنه عمل المؤسسات والجمعيات لتتلقف الأفكار الجيدة وترعاها.
4- التصدي للإعلام الغربي والإسرائيلي، والرد على شبهاته وأباطيله حول المسجد الأقصى، من خلال المقالات، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
خامسًا: دور الأئمة والخطباء والدعاة والمصلحين:
1- إعداد الخطب وإلقائها التي تحث الناس على المشاركة في حماية المقدسات الإسلامية، مع استحضار النماذج الخالدة من أبطال المسلمين.
2- الدعوة إلى توحيد الكلمة وتكريس الجهود، والدعوة إلى ترابط المجتمع، والنصح لكل مسلم، والابتعاد عن النزاع والاختلاف.
3- إحياء دور المساجد، بالاهتمام بقضايا المسلمين الحيوية، وتخصيص ركن خاص بالأقصى في مكتبة المسجد.
سادسًا: دور الجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والأندية والمؤسسات:
1- دعم القضية الفلسطينية ماديًا ومعنويًا، وعقد الأنشطة المختلفة التي تدافع عن الأقصى لتوعية الأعضاء، وحثهم على نصرة الأقصى.
2- إنشاء لجان للدفاع عن الأقصى، وإنشاء مؤسسة أو صندوق يسمى الصندوق العربي التعاوني الفلسطيني ويكون له مجلس في كل دولة عربية.
3- مقاضاة أي شخص أو جهات حكوميه تسمح بالمساس بمقدساتنا، أو ديننا إسلاميًا وعالميًا، وكشف مخططاتهم.
4- مراسلة الحكام ومخاطبتهم واستثارة مشاعرهم لنصرة الأقصى ولو سياسيًا، والدفاع عن عروبته وإسلاميته في المحافل الدولية.