د. كمال أصلان – الشرق القطرية
تلعب فئة الشباب دورًا محوريًا في نهضة الأمم وتقدمها، فهم عماد الأمة وحاملو لواء مستقبلها، إذ يمتلكون الطاقة والحيوية والإبداع اللازم لتحقيق التطور والابتكار، وإذا ما أُحسن استثمار طاقاتهم وتوجيهها بشكل صحيح، يمكن للشباب أن يقودوا الأمة نحو آفاق جديدة من التقدم والتنمية.
فالشباب يمتلكون طاقة متجددة تمكنهم من العمل الدؤوب والسعي لتحقيق الأهداف، هذه الطاقة تجعلهم قادرين على مواجهة التحديات، وتحقيق الإنجازات التي تعود بالنفع على المجتمع.
ويتميز الشباب بالتفكير الخلاق والقدرة على تقديم حلول مبتكرة للمشاكل القائمة، مما يساهم في تطوير المجتمع والنهوض به، وهم أكثر الفئات استعدادًا للتغيير ومواجهة العادات السلبية والتقاليد البالية، ودورهم في المطالبة بالإصلاحات الاجتماعية والسياسية يجعلهم قوة لا يمكن تجاهلها في أي مجتمع.
سبل تمكين الشباب لتحمل المسؤولية
من الأمور المهمة التي تساهم في تمكين الشباب، لحمل الراية وتحمل المسؤولية:
1. التعليم والتأهيل؛ فالتعليم هو حجر الأساس لتمكين الشباب، ويجب توفير أنظمة تعليمية متطورة تُركز على بناء القدرات الفردية وتنمية المهارات العملية، إضافة إلى ذلك، يمكن تقديم برامج تدريبية متخصصة لتأهيلهم لسوق العمل وتزويدهم بمهارات القيادة.
2. التمكين الاقتصادي؛ يجب خلق فرص عمل مستدامة للشباب وتشجيع ريادة الأعمال، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومنح القروض الميسرة تعد خطوات مهمة في هذا الإطار.
3. إشراك الشباب في صنع القرار؛ فتمكين الشباب من المشاركة في القرارات السياسية والاجتماعية يعزز شعورهم بالمسؤولية تجاه المجتمع، وعليه يجب توفير منصات تتيح لهم التعبير عن آرائهم ومناقشة القضايا التي تهمهم.
4. تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي؛ من خلال نشر القيم الأخلاقية وتعزيز روح المواطنة والانتماء يساعد الشباب على فهم أدوارهم المجتمعية والتفاعل مع القضايا الوطنية بروح إيجابية.
5. دعم الشباب نفسيًا واجتماعيًا؛ فالاهتمام بالصحة النفسية للشباب ودعمهم اجتماعيًا يساهم في بناء شخصيات قوية قادرة على تحمل الضغوط وتحقيق الأهداف.
ومن النماذج الملهمة للشباب: أسامة بن زيد (القائد الشاب)، حيث يُعد نموذجًا للشباب الذين تحملوا المسؤولية في سن مبكرة، عيّنه النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، قائدًا لجيش المسلمين وهو في السابعة عشرة من عمره، على الرغم من وجود كبار الصحابة. هذا التكليف يعكس الثقة التي وضعها الرسول في قدرات الشباب ويُبرز أهميتهم في تحقيق النصر.
صلاح الدين الأيوبي (القائد الملهم): حيث برز في شبابه، كقائد عسكري وسياسي بارز، تمكن من تحرير القدس وقيادة الأمة نحو الوحدة الإسلامية. ونجاحاته تؤكد أهمية الاستفادة من طاقات الشباب وتوجيههم لتحقيق أهداف كبيرة.
محمد الفاتح (فاتح القسطنطينية): كان في عمر الحادية والعشرين عندما قاد الجيش العثماني لفتح القسطنطينية، وهو إنجاز تاريخي غيّر مجرى الأحداث العالمية. وهذا يبرز دور الشباب في تحقيق الإنجازات الكبرى.
دور الحكومات والمؤسسات في دعم الشباب
يجب أن تضع الحكومات خططًا استراتيجية تتضمن برامج تمكين للشباب في مختلف المجالات، وتشجيع التعليم المتخصص، ودعم الابتكار، وتوفير بيئة سياسية واجتماعية آمنة يعد أساسيًا.
ويمكن للمؤسسات غير الحكومية أن تلعب دورًا مكملًا من خلال إطلاق برامج تدريبية، وتنظيم فعاليات تفاعلية تعزز من قدرات الشباب وتفتح لهم آفاقًا جديدة.
وللقطاع الخاص دور كبير في توفير فرص العمل للشباب، ودعم ريادة الأعمال عبر برامج احتضان الأفكار والمشاريع الجديدة.
أقول: إن الشباب هم القوة الدافعة وراء التغيير والتنمية في أي أمة، يمكنهم تحقيق المستحيل إذا ما أُحسن توجيههم، وتمكينهم من استثمار طاقاتهم بشكل فعّال. لذا، فإن مسؤولية المجتمع ككل تكمن في تعزيز مكانة الشباب، وتمكينهم من القيادة والإبداع لتحقيق مستقبل مشرق للأمة.