بعد سجال طويل بين شركاء ثورة يناير، واختلافات وتباينات فيما بينهم، دشّن مجموعة من الطيف السياسي المصري، وشباب الثورة، والعديد من الشخصيات العامة، والنخب السياسية والثقافية والإعلامية والفنية، من داخل مصر وخارجها، ميثاق شرف وطني يجمع المصريين على معاني ثورة يناير 2011، لوقف خطاب الكراهية بين أطياف المجتمع ومكونات الأمة، وإدانة كافة أشكال التنابز، والتخوين، والإهانات أيًا كان مصدرها أو دافعها، أو تورّط الآخرين فيها.
وأعتبر أن هذه الخطوة مُهمة في استعادة روح يناير مرة أخرى، التي يحرص السيسي ومن معه على تدميرها في نفوس المصريين، بما يمارسه من إشاعة روح الكراهية بين أبناء الشعب المصري، مستخدمًا آلة إعلامية أقل ما تُوصف به أنها تشيع روح الكراهية وتحرِّض على العنف والفتنة بين المصريين.
ومن أهم ما ورد في هذه الوثيقة أنها، تدين كافة أشكال التحريض على الدم والعنف والكراهية والفتنة بين المصريين، فكل الدم المصري حرام، مع وضع قواعد أخلاقية ووطنية للتشابك في الآراء والمواقف، واحترام حق الآخر في الاختلاف في الرأي وفي التعبير عن مواقفه السياسية، ورفض الإقصاء بكافة صوره ودعم المشترك واحترام معتقدات الآخرين وعدم السخرية منها أو الاستخفاف بها، والاحتكام للجنة من الحكماء والشخصيات العامة من اتجاهات مختلفة، لفض المنازعات بين شركاء ثورة يناير، واتخاذ ما تراه مناسبًا في شأن من يخرج على المبادئ والقيم الواردة فيه، سواء كان هذا الخروج من أفراد يمثلون أنفسهم أو كيانات أو مؤسسات إعلامية وبغير أثر رجعي.
وتسعى هذه الوثيقة إلى إنقاذ الوطن مما يتعرض له، واستعادة مكتسبات ثورته وحريته وحقوقه، وهذه المسؤولية يتحملها الجميع مقرين ومستفيدين من أخطاء الماضي متوافقين على حق الجميع أن يكونوا شركاء في بناء المستقبل، وهو ما ينبغي معه دعم المشترك والسعي لاستعادة روح ولُحمة الجماعة الوطنية المصرية.
ويؤكد هذا الميثاق على كل القيم والمعاني المقدّسة التي هتف بها جموع المصريين في ميادين الثورة، طوال ست سنوات مضت، وسقط من أجلها الألوف من الشهداء، واعتُقل دفاعًا عنها آلاف من الشباب، وضحّت الآلاف من الأسر المصرية في سبيل استعادة كرامتها وحريتها، وواجهت أعتى نظام استبدادي مرّ على مصر في العصر الحديث.
أقول: نحن في حاجة مُلحة للم الشمل وتوحيد الصف لمواجهة هذا النظام الغاشم الذي قضى على كل مقدرات المصريين البشرية والمادية، واستخدم كل الوسائل غير المشروعة في تدمير دولة كبيرة مثل مصر، وجعلها في مؤخرة الصفوف في جميع الميادين، من أجل حفنة سطت على السلطة، وحرمت الشعب المصري من استكمال المسار الديمقراطي الذي اختطه لنفسه بعد ثورة يناير.
آن لنا أن نعود مرة أخرى إلى هذه الروح الجامعة، المؤمنة بأهمية الاصطفاف على مبادئ عامة من خلال مشتركات كثيرة، ونسيان الخلافات الفرعية، أو على أقل تقدير تأجيلها، ففرض الوقت يتطلب من الجميع إنكار الذات، والدفع في اتجاه التوافق الوطني الذي يُطمئن المصريين، للسعي لتحقيق أهدف ثورة الخامس والعشرين من يناير، لتحقيق العيش الكريم، والحرية، والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لكل المصريين، وأنها لا تزال ممكنة التطبيق بهذه الروح الوطنية الحريصة على إنقاذ مصر من الفسدة والمستبدين، الذين أتوا على الأخضر واليابس، واعتدوا على حقوق المصريين الحالية والمستقبلية.
تحية لكل المشاركين في هذه الوثيقة المهمة، والمؤيدين لها، وأدعو كل المصريين بكافة انتماءاتهم السياسية والوطنية والدينية إلى التفاعل معها، وعدم تشتيت الجهد، لاستعادة مصرنا التي نأمل لها أن تعود إلى أهلها، وإلى عروبتها وإسلامها.