التاريخ يعيد نفسه… من شعب أبي طالب إلى غزة
في شعبٍ ضيّق بمكة، حيث لا ماء ولا غذاء،
وفي ليلٍ طويل من الظلم، حوصر المسلمون ثلاث سنين،
تآمرت عليهم قريش، وكتبت عهدًا جائرًا علّقته في جوف الكعبة،
ممنوعٌ عليهم الطعام، ممنوعٌ الشراب، حتى الكلام!
كان صراخ الأطفال يمزّق سكون الليل،
وكانت أمّهاتهم تكتمن دموعهن وهن يمضغن ورق الشجر.
تحت الحصار، ثبتت القلوب، وارتفعت الأكف:
“حسبنا الله ونعم الوكيل…”
فأكلت الأرضة الصحيفة، ومزق الله مكرهم تمزيقًا.
واليوم…
وفي غزة، نفس القصة، ولكن بآلة أكثر فتكًا،
حصارٌ من كل الجهات،
قطعٌ للطعام والماء والكهرباء،
حتى أنفاسهم تُحاصر…
قُتل الأطفال تحت الركام،
وامتزجت دموع الأمهات بالتراب،
تئنُّ البيوت، تبكي المآذن، وتغدو الجثث أرقامًا في نشرات الأخبار.
لكنّ غزة، مثل مكة، لا تنكسر…
فكما صبر بلال على الرمضاء،
يصبر أهل غزة على القصف والجوع.
وكما ثبت النبي ﷺ في وجه قريش،
تثبت غزة في وجه الظلم، وتقول للعالم:
“لن نُركع، لن نُباع، لن نُنسى.”
إنها ليست حربًا فقط…
بل اختبارٌ متجددٌ للضمير الإنساني.
فمن كان مع قريش الأمس، يقف اليوم مع الطغاة.
ومن كان مع محمد ﷺ بالأمس، قلبه مع غزة اليوم.
فيا غزة…
ما أكرم صبركِ، وما أصدق جرحكِ، وما أعظم وعد الله لكِ:
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ).