د. جمال نصار – الشرق القطرية
ها نحن على مشارف الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة التركية، 28 مايو/ أيار 2023، وقد جرى في النهر مياه كثيرة، ربما تُغيّر بشكل كبير في حظوظ الرئيس أردوغان للفوز بهذه الجولة بوضع مُشرِّف، على الرغم من حملات التشويه الداخلية والخارجية ضد سياسات الرجل، وإنجازاته الواضحة، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: التصريحات التي أدلى بها أقطاب المعارضة المتمثلة في مكونات الطاولة السداسية، على سبيل المثال ما ذكرهعلى باباجان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، الذي كان بالأمس بجوار أردوغان لمدة 15 عامًا، وانتقل إلى مربع المعارضة، وتحالف مع كليتشدار أوغلوا، حيث يقول: “لا يوجد محل للقلق، بإذن الله سيكون كمال كليتشدار أوغلو رئيسًا للجمهورية في 28 مايو/ أيار المقبل”، هذه الثقة الزائدة ليست في محلها، وربما تدل على مفهوم المخالفة، وحالة القلق الحقيقية لدى مكون الطاولة.
وسار على نفس النسق أحمد داوود أوغلو رئيس حزب المستقبل في جولة الإعادة، بقوله: “سنختار بين الجوع والشبع، بين الفقر والغنى”. مع العلم أن مكون الطاولة لم يطرح كيفية المعالجة الاقتصادية في برنامجه بشكل يُغني الشعب التركي، ويسد رمقه كما يقول.
وزاد على ذلك ما قاله مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، مهددًا اللاجئين، وخصوصًا السوريين منهم بقوله: “السوريون سيرحلون.. اتخذ قرارك!”، وهذا في الحقيقة سيفقده الكثير من الأصوات لأن هناك أعداد كبيرة منهم من فئة رجال الأعمال، ولديها تأثير كبير على مجريات الوضع الاقتصادي، كما يوجد شراكات بينهم وبين الكثير من رجال الأعمال الأتراك، وهذا ريما يثير حفيظة هذه الفئة على عكس المتوقع. ومغالاته أيضًا، في عددهم حيث قال إنهم 10 ملايين، وربما يصبحون 20 مليونًا مع فوز أردوغان. وهذا الحديث المعادي للاجئين دفع 11 من قيادات حزب الاستقلال الذي يرأسه أحمد داوود أوغلو للاستقالة، حيث رأوا أن ذلك يتعارض مع مبادئ الحزب وسياساته.
ثانيًا: ضعف أداء حزب الشعب الجمهوري وأعضاء التحالف الآخرين تجاه الناخبين المجنسين، من حيث ابتعاده كمرشح رئاسي عن جميع الأجانب المجنّسين في تركيا، والتعامل معهم على أنهم أعداء وليسوا مواطنين، في حين كان عليه أن يُركّز على هذه الشرائح لعلها تكون مفيدة له انتخابيًا على الأقل، وكذلك عدم قيامه بجهود تواصل مع المواطنين الأتراك من ذوي الأصول القوقازية، والألبانية، والشركسية، والإيرانية، والروسية، والعربية، على عكس الرئيس أردوغان الذي يتحدث مع كل الشعب التركي بكل فئاته وأطيافه.
ينضاف إلى ذلك النتيجة المخيبة لأنصار تحالف الشعب في الانتخابات البرلمانية، حيث إن أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات هو حزب الشعب الجمهوري، بحصوله على (169) مقعدًا بالمقارنة بانتخابات 2018، ونال الحظوة في هذه الانتخابات الحلفاء الآخرون، حيث حصل حزب الجيد على (44) مقعدًا، وحزب الديمقراطية والتقدم على (14) مقعدًا، وحزب الاستقلال على (11) مقاعدًا، وحزب السعادة على (10) مقاعد، بالنظر لما حصل عليه في عام 2018 مقعدين فقط، والحزب الديمقراطي على (3) مقاعد.
ثالثًا: طريقةالمعاملة غير اللائقة مع المرشح الرئاسي محرم إينجة، من قبل كمال كليتشيدار أوغلو، حيث تم استهدافه قبل انتخابات الجولة الأولى، بتهديده بتسريب بعض الفيديوهات الفاضحة التي تسيء لسمعته السياسية مما دفعه للانسحاب، قائلا لهم: سأنسحب حتى لا تلصقوا خسارتكم بي، مع العلم أنه كان المرشح من قِبل حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في العام 2018، وقد حصل على 30.68٪، وبطبيعة الحال لديه أصوات كثيرة، ربما يذهب الكثير منها للرئيس أردوغان.
وكذلك الدعم الذي أعلنه المرشح الثالث سنان أوغان للرئيس أردوغان، وما وراءه من أصوات القوميين، وبالتالي كل ذلك سيمثل خسارة للمرشح الرئاسي كليتشيدار أوغلو، وإضافة حقيقية للرئيس أردوغان.